تُوّج الأهلي المصري بلقب دوري أبطال أفريقيا على حساب نظيره الترجي التونسي اليوم السبت بفوزه عليه (2-1) في إطار إياب الدور النهائي على الملعب الأولمبي برادس في العاصمة التونسية.
وافتتح الأهلي التسجيل عبر مهاجمه محمد ناجي جدّو (45) قبل أن يدعّم زميله وليد سليمان النتيجة (62)، في حين سجّل الكاميروني جوزيف يانيك نيانغ هدف تضليل الفارق للترجي (84).
وهذه الكأس هي السابعة في تاريخ الأهلي صاحب الرقم القياسي في عدد مرات التتويج بالمسابقة، وبالتالي يخلف شقيقه الترجي على زعامة القارة بعدما رفعها الأخير في الموسم الماضي أمام الوداد البيضاوي المغربي.
حفلة عربية خالصة
للمرّة الثانية توالياً يكون فيها طبق الدور النهائي عربياً خالصاً بعدما توّج الترجي على حساب الوداد البيضاوي المغربي الموسم الماضي.
فيما يعدّ هذا الصدام العربي في أمجد الكؤوس الأفريقية العاشر من نوعه لحساب تاريخ المسابقة من بينها 5 مواجهات جمعت الأندية التونسية والمصرية على محك خط النهاية، افتتحها الترجي والزمالك عام 1994 (0-0 في القاهرة و3-1 في تونس) والأهلي والنجم الساحلي عامي 2005 (0-0 في سوسة و3-0 في القاهرة) و2007 (0-0 في سوسة و1-3 في القاهرة) والأهلي والصفاقسي عام 2006 (0-0 في القاهرة و1-0 في رادس).
ما قبل القمة... الباكورة والختام
كانت باكورة مواجهات الفريقين على السطح القاري مندرجة ضمن الدور ثمن النهائي لمسابقة بطولة أفريقيا للأندية البطلة بالمسمى القديم (دوري أبطال أفريقيا حالياً) عام 1990 حيث تعادلا ذهاباً وإياباً وفاز الترجي بركلات الترجيح ليكمل مشواره بنجاح آنذاك.
فيما التقى الفريقان للمرّة الأخيرة العام الماضي في دور المجموعات، ففاز الترجي 1-صفر ذهاباً في تونس، وتعادلا 1-1 إياباً في القاهرة، ليتأهل عريق الكرة التونسية إلى دور الأربعة ثم النهائي، حيث تُوّج باللقب على حساب شقيقه الوداد كما سبق ذكرنا آنفاً.
مفاجأة معلول
استهل ربّان السفينة الترجية حفلة الختام بمفاجأة مدوية باغتت الجميع بما في ذلك جمهور الترجي وتمثلت في إقحام نجم الفريق الموهوب "يوسف المساكني" أساسياً منذ البداية، وهو ما لم يكن يتوقّعه أحد بالنظر للوضع الصحي الدقيق الذي يعيشه اللاعب منذ قيامه بعملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية وهو الحدث الذي سبق قمة برج العرب بالإسكندرية.
مفاجأة معلول برّرتها الكثير من العوائق التي مثلتها ترسانة الغيابات التي اجتاحت الفريق الأحمر والأصفر، وأهمها غياب الثنائي الطائر والمتمثل في الغاني هاريسون أفول و"المواطن" سامح الدربالي، بالإضافة إلى السيناريو الذي مثّل سخرية القدر بإصابة صمام الوسط مجدي التراوي قبل يومين من موعد النهائي، وهي معطيات معقّدة حكمت على مستر معلول بإجراء تعديلات غير معتادة على غرار الزج بشاكر الزواغي ليشغل مهام الجهة اليمنى.
أما من جهة مدرب القلعة الحمراء حسام البدري فقد أجرى تعديلاً حيوياً على تشكيلة الذهاب بإخراجه "المايسترو" محمد أبو تريكة الذي فقد هويته في الإسكندرية، وراهن على المهاجم الحركي سيد حمدي صاحب هدف الذهاب منذ البداية إلى جانب الخطير محمد ناجي جدّو.
أفضلية أهلاوية جليّة
كافة المعطيات الصعبة التي عانى منها فريق الدم والذهب قبيل لقاء الإياب جعلت دخوله في أجواء المباراة منذ البداية أمراً مستعصياً، وسمحت للفريق القاهري بالذهاب في أكثر من اتجاه مرمى معز بن شريفية والتمتع بجرعات معنوية مهمة مكنته من فرض سيطرته مبكراً على أجواء اللقاء.
كما لم يضيع "الأهلاوية" وقتاً كثيراً ليعلنوا عن أول تهديد صريح لمرمى الترجي من عرضية مميزة لوليد سليمان تلقاها سيد حمدي على حدود المنطقة وسدّد كرة أرضية ماكرة أبدع "نجم الذهاب" بن شريفية في ذودها عن مرماه ووضع الفرصة الأخطر في الركنية (9).
واصل الأهلي ضغطه المتواصل على الخط الخلفي للترجيين مستغلاً حالة الخلل والارتباك الواضحة التي اجتاحت أركانه، وتوفّق في استثمار خبرة أفريقية عتيقة قوامها 200 مباراة على الصعيد القاري.
هذه الخبرة التي نتحدّث عنها مكّنت النادي المصري من تكرار الزيارات إلى مناطق الترجي التي اتخذت في كل مرة صبغة الخطورة، وهو ما جسّدته فرصتا كل من وليد سليمان من مخالفة مباشرة ردّها بن شريفية على مناسبتين (25)، وتسديدة عبد الله السعيد التي لم تشكل خطورة كبيرة على عرين المحليين (33).
توقيت قاتل
مع قرب الشوط الأول في حوار النهائي من ختامه، استقرّ المستوى الفني للقاء وركن للهدوء بعض الشيء، بعد بداية قوية النسق فرضها الزوار على صاحب الأرض، ولكن مالم يتكهّن به أحد هو تسجيل هدف في الوقت القاتل من الجانبين، وهو ما فنّده القنّاص محمد ناجي جدّو بإحرازه هدف المباراة الافتتاحي في آخر دقيقة من هذا الشوط بعد استثماره لعمل فني وبدني ممتاز من سيّد حمدي الذي مرّر كرة على طبق ذهبي لجدّو الذي لم يجد صعوبة في وضع ناديه في المقدمة، ومحو أسبقية الذهاب التي تمتع بها الترجي إلى حدود موعد هذا الهدف.
تغيير لم يُجد
استهلّ الكابتن نبيل معلول النصف الثاني من حوار الشقيقين بإجراء تغيير كان ملحاً في شأن متوسط الميدان كريم العواضي الذي شابته حالة من النشاز غير المألوفة عنه في الشوط الأول، ودخل مكانه إيهاب المساكني، بهدف إعطاء هجومه ثقلاً أكبر على اعتبار أن الشوط الأول عانى فيه الترجي من انعزال الكاميروني نيانغ الذي لم يستطع تهديد عرين إكرامي في ظل فقدان المساندة وتضييق الخناق عليه من ثنائي محور الدفاع وائل جمعة ومحمد نجيب.
السعيد يضيع القاضية
مع مطلع الدقيقة الـ51 كان عبد الله السعيد على موعد مع فرصة الضربة القاضية، ولكنه لم يستثمر العمل الجماعي المنسق الذي انتهى على تمريرة جدو للسعيد ولكن هذا الأخير سدّد بقوة ووجد المتألق بن شريفية.
المنعرج الحاسم
لم يكن المهاجم الكاميروني يانيك نيانغ في أحسن حالاته البدنية والفنية لا في موعد ذهاب الإسكندرية ولا في لقاء رادس، كما أنه افتقد للمساندة الهجومية اللازمة لكي لا نجانب الحقيقة، إلا أنّ رفضه لتمريرة بوعزي الذهبية وإضاعته للفرصة التي مثلت منعرج اللقاء الحقيقي (54)، جعلاه المُلام الأكبر في هذه الهزيمة.
الأهلي يُتوّج ...
النزوح الهجومي الذي قام به فريق الترجي نحو مناطق الأهلي خلّف الكثير من الهنات الواضحة في خط الدفاع وهو ما نجح في استغلاله وليد سليمان الذي يعدّ أحد نجوم اللقاء، حين توغّل في الدقيقة(62) وانفرد بالحارس بن شريفية ووضع الكرة الثانية في مرمى الترجي، في لقطة كانت مسبوقة بخطأ واضح "رفع قدم" في وجه المدافع محمد علي بن منصور ولكن الحكم المغربي بوشعيب لحرش والذي أكرمه حسام البدري بوابل من التشكيك في النزاهة والتخوين الذي تمسّه وتمسّ شخص طارق بوشماوي وهو رئيس اللجنة الفيدرالية للتحكيم في صلب الاتحاد الأفريقي، أخطأ لمصلحة الأهلي هذه المرة رغم الإقرار على حسن نواياه، فالحكم بشر والخطأ مطبوع في غريزته.
هدف متأخّر
سبات الكاميروني نيانغ بلغ ردهات المباراة كلها تقريباً، ماعدا تسديدته التي صدّها القائم وما حدث في الدقيقة 84 التي شهدت توقيعه لهدف الشرف الذي جاء متأخراً وغير قادر على تغيير أي شيء في واقع المباراة التي انتهت مع حلول هدف الأهلي الثاني.
بصمة الختام
بصمة الختام كانت من نصيب بن شريفية "الصغير الكبير" الذي وإن كان سبباً مباشراً في عرقلة دومينيك دا سيلفا في مناطق الجزاء، إلا أنّه نجح في إصلاح خطئه بعد ذلك مباشرة بصدّه ركلة أبو تريكة ببراعة (90).
ما تبقى من أجواء المباراة لم يشهد أموراً تذكر سوى بعض المحاولات الخجولة من هجوم الترجي، في المقابل نجح الأهلي في إحراز لقبه السابع في تاسع نهائي يخوضه، ليكون ممثل عرب أفريقيا في مونديال الأندية القادم في ديسمبر المقبل باليابان.
التشكيلة الأساسية للفريقين:
الترجي التونسي:
حراسة المرمى: معز بن شريفية (1).
خط الدفاع: خليل شمام (12) "القائد"، وليد الهيشري (29)، محمد علي بن منصور (20)، شاكر الزواغي (3).
خط الوسط: خالد المولهي (19)، حسين الراقد (4)، كريم العواضي (13).
خط الهجوم: وجدي بوعزي (18)، يوسف المساكني (28)، جوزيف يانيك نيانغ (15).
المدرب: نبيل معلول.
الأهلي المصري:
حراسة المرمى: شريف إكرامي (1).
خط الدفاع: وائل جمعة (6)، محمد نجيب (23)، أحمد فتحي (7)، أحمد شديد قناوي (12).
خط الوسط: حسام غالي (14)، حسام عاشور (25)، عبد الله السعيد (19)، وليد سليمان (11).
خط الهجوم: محمد ناجي جدّو (15)، السيّد حمدي (18).
المدرب: حسام البدري.
الحكم الرئيسي للمباراة: المغربي بوشعيب لحرش.